"ويحك قطعت عنق صاحبك " >>> وعلاقته بالمدح
بسم الله الرحمن الرحيم
أحبتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ 133
الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين 134َ
"ويحك قطعت عنق صاحبك "
وعلاقته بالمدح
باب كراهة المدح في الوجه لمن خيف عليه مفسدة من إعجاب و نحوه و جوازه لمن أمن ذلك في حقه
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : سَمِعَ النبي صلى الله عليه و سلم رجلا يُثني على رجل و يُطريه فيه المدحة، فقال : (( أهلكتم، أو قطعتم ظهر الرجل )) رواه البخاري و مسلم
و عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رجلا ذَكِرَ عند النبي صلى الله عليه و سلم، فأثنى عليه رجلا خيرا، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : (( ويحك قطعت عنق صاحبك )) يقوله مرارا (( و إن كان أحدكم مادحا لا محالة، فليقل : أحسب كذا و كذا و إن كان يرى أنه كذالك، و حسيبه الله، ولا يزكي على الله أحد )) رواه البخاري و مسلم
قال العلماء : و طريق الجمع بين الأحاديث أن يقال : إن كان الممدوح عنده كمال إيمان و يقين و رياضة نفس و معرفة تامة بحيث لا يُفتتن ولا يغتر بذلك ولا تلعب به نفسه فليس بحرام و لا مكروه ، و إن خيف عليه شيء من هذه الأمور كُرِهَ المدح في وجهه كراهة شديدة، و على هذا التفصيل تنزل الأحاديث المختلفة في ذلك. و مما جاء في الإباحة قوله صلى الله عليه و سلم لأبي بكر رضي الله عنه : (( أرجوا أن تكون منهم )) رواه البخاري و مسلم
أي : من الذين يُدعون من جميع أبواب الجنة لدخولها.
و قال صلى الله عليه و سلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه (( ما رآك الشيطان سالكا فجَّاً إلا سلك فجَّاً غير فجِّك )) رواه البخاري و مسلم
فأقول لا يجوز المدح لأن المدح يورث العجب بالنفس و من ثم الكبر و الرياء و هذه من كبائر الذنوب التي يجب على المسلم أن يتجنبها و يحذرها .. إلا من أمن أنه لا يتأثر بالمدح
فللمدح أربع حالات ذكرها الشيخ ابن عثيمين في
(( زاد المتقين شرح رياض الصالحين ))
سأوردها باختصار
الأول : أن يكون في مدحه خير و تشجيع على الأوصاف الحميدة و الأخلاق الفاضلة، فهذا لا بأس به؛ لأنه تشجيع.
الثاني : أن تمدحه لتبيين فضله، بين الناس و ينتشر و يحترمه الناس، كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم مع أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ، و كان هذا لبيان فضل أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ، هذا لا بأس به.
الثالث : أن يمدح غيره و يغلو في إطرائه و يصفه بما لا يستحق، فهذا محرم و هو كذب و خداع.
الرابع : أن يمدحه بما هو فيه، لكن يخشى أن الإنسان الممدوح يغتر بنفسه و يزهو بنفسه و يترفع على غيره، فهذا أيضا محرم ولا يجوز.
و ذُكر أن المدّاح يُحثى في وجهه التراب
و المدّاح غير المادح : المادح الذي يُسمع منه مرة بعد أخرى ... أما المدّاح هو الذي كل ما جلس عند إنسان كبيرا أو أميرا أو قاضيا أو عالم أو ما أشبه ذلك قام يمدحه ، فهذا حقه أن يحثى في وجهه التراب ؛ لأن رجلا امتدح عثمان رضي الله عنه فقام المقداد و أخذ الحصباء و نفضها في وجه المادح، فسأله عثمان لما فعل ذلك ؟ قال : إن صلى الله عليه و سلم قال
(( إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب ))
رواه مسلم
جزاها الله خير لكاتبته
و نقلت بتصرف من زاد المتقين شرح رياض الصالحين
للشيخ ابن عثيمين رحمه الله