المصالحة الفلسطينية .. ماذا يلزمها ؟

قد يُعرضُ من يقرأ عنوان هذا المقال عن أن يبدأ بقراءة المقال، أو أن يستمر
في قراءته إذا بدأها.

المصالحة الفلسطينية .. ماذا يلزمها ؟ Free_palestine

وقد يكون للقارئ عذره في الإعراض عن قراءة المقال من الوهلة الأولى
لقراءته العنوان، فقد كتب المعلقون وأسهبوا، وحلّل المحلِّلون وأوضحوا ما
قد يكون فيه الكفاية للحفاظ على المصالحة وعلى دوامها والوصول بها إلى ما
يحقق الآمال من قيامها، وأثنى الكثيرون على الجهود التي بُذلت والحوارات
التي جرت حتى تم الوصول إلى لحظة المصالحة التي انتظرها أبناء الشعب
الفلسطيني طويلا، وانتظرها معهم من يشاركونهم في آمالهم وتطلعاتهم من
إخوانهم العرب والمسلمين وأنصار الحق والتوافق ، وتلت قيام المصالحة
توضيحات وتعبيرات متنوعة كلها تدعو المتصالحين إلى الإخلاص والصفاء
والاستمرار في طريق الوفاق والبعد عن كلِّ ما قد يؤدي إلى عودة الاختلاف أو
الافتراق، وحثَّ البعض على أن يغلِّب كلُّ فريقٍ من المتصالحين المصلحة
العامّة والرّوح الوطنية ويبدي من حُسن النوايا ما يطمئنُّ إليه الفريق
الآخر .

وهنا يجد كاتب المقال أنَّ كلَّ ما سبق من فرحٍ بالمصالحة، وتعليق
الآمال العريضة عليها، والثناء على من قاموا بها والاستبشار بدوامها،
والثِّقة بالإخلاص لها، وإبداء حُسن النوايا مع أهميتةِ قد لا يكون كافيًا
لدوام المصالحة واستمرارها وتحقيق الآمال المعلقة عليها، وقد يشارك كثيرون
الكاتب في أن ما ذُكِرَ قد لا يكون كافيًا، وذلك لأنّ الذاكرة تحفظ
مصالحاتٍ واتفاقاتٍ لم تدُم ولم تُثمِر، منها اتفاقات القاهرة، وصنعاء،
ودمشق واتفاق مكّة البلد الحرام في المسجد الحرام، وما أعقب هذا الاتفاق من
خلاف أعمق وشقاقٍ أشد وتخاصم أنكى وأكثر إيلامًا.

وهذا التَّخوُّف على المصالحة والقلق على مصيرها يدفع إلى التفكير فيما
عسى أن يكون عاملا واقعيًا وحقيقيًا يحفظ للمصالحة كيانها وبقاءها، ويُؤدي
إلى أن تُؤتي ثمارها ونتائجها المرجوّة. ولعلّ هناك أمرين لا غنى عنهما
ولابد منهما لدوام المصالحة ولإيتائها ثمارها :

الأمر الأول منهما أنّه لابد من هدف واضحٍ للمصالحة يتّفقُ عليه الجميع
بصورة محددة لا غموض فيها ، ولا تساهل بشأنها. والهدف الذي يجب أن يتفق
عليه الجميع ويسعَوا لتحقيقه هو إزالة الاحتلال عن الأرض الفلسطينية بدءًا
من الأرض التي احتُلّت عام سبعةٍ وستين ، وأي أهداف أُخرى أقل من هذا الهدف
هي أهداف صغيرة جزئية أو وسائل لتحقيق الهدف الكبير وهو إزالة الاحتلال،
والاكتفاء بأي هدف صغير أو مجموعة أهداف صغيرة لا يحقق للمصالحة نتائجها
ولا يساعد على بقائها ودوامها، فلا يكفي مثلا أن يكون الهدف هو إقامة حكومة
وَحدةٍ وطنيّة، أو إجراء انتخاباتٍ في موعدٍ يُتَّفق عليه للمجالس الوطنية
و التشريعية وللبلديات وللرِّئاسة، فقد سبق أن أُقيمت حكومة وَحدة وطنية
بعد اتفاق مكّة، وسبق أن اتُّفقَ على انتخابات وتعديلات، ولم يُؤدِّ ذلك
إلى دوام المصالحة والاتفاق، لإنَّ الهدف الكبير هو العمل على إزالة
الاحتلال بكلِّ الوسائل قد أُغفِلَ، وكأنَّ الأمر يقتصر على إقامةِ الحكومة
أو الانتخابات ولا شيءَ بعد ذلك مما يحقق للشعب طموحه وآماله ويضمن
للمصالحة والتّوافق بقاءهما وإثمارهما .

الأمر الثّاني الذي لابدَّ منه لِتدومَ المصالحة وتُثمر هو أن تتَّفقَ
جميعُ الفئات على التَّوصُّل إلى صيغةٍ لفظيّةٍ واحدة وأسلوبٍ مشتركٍ واحد
في التّعبير عن قضيّة الشّعبِ الفلسطينيّ، وقد تختلف مفردات التَّعبير،
ولكن الصيغة تظلّ واحدةً يلتزمُ بها الجميع، حتّى لا يجدُ العدوُّ اليهوديّ
ثغرةً يتسلّل منها إلى إحباط المصالحة أو التّوافق، أو يجد مجالا
للتّهرُّب مما هو مطلوب منه.

والصّيغة التي لابدَّ أن تكون مشتركةً ومُتَّفقًا عليها هي أنَّ الشعبَ
الفلسطينيّ له كامل الحق في استرجاعِ أرضِه المغصوبةِ والمُحتلَّةِ
بالقوّة، ولا تنازُل عن شِبرٍ واحدٍ منها، وأنّه في المرحلة الحالية يمكن
القبول بالانسحاب اليهوديّ الكامل من الأرض المُحتلَّة عام سبعةٍ وستين،
وقيام دولةٍ فلسطينية كاملةِ السِّيادة على أرض الضّفةِ الغربية كلها
والقدس من ضمنها، وعلى أرض قطاع غزّة، وأن يكونَ واضحًا أيضًا بلغةٍ لا
تقبل التَّأويل أنَّه بعد فترة من استقلال الدولة لابدَّ إن يُصار إلى
المرحلة الثانية من الانسحاب اليهودي من الأرض التي تخُصُّ الفلسطينيين
بحسب القرار الأممي رقم مائة وواحدٍ وثمانين، ويعود كلُّ فلسطينيّ إلى أرضه
وبلده التي هُجِّرَ منها، وبعد فترةٍ ثانية لابدَّ أن يُصار إلى المرحلة
الأخيرة وهي إعادة جميع القرى والمدن والممتلكات العربية إلى أصحابها.
ولابُدَّ أن يكونَ هناك حذزٌ شديدٌ من الصّيغ المختلفة للتّعاملِ معَ
العدوّ. فعلى سبيل المثال لابُدَّ أن يسمعَ العدوّ بلغةٍ واضحة أنَّ
التّفاوض إذا جرى معَه فهو تفاوض على ترتيبات الانسحاب من الضّفة الغربية
وإزالة مستوطناتها وتواريخ ذلك بدايةً ونهايةً، ولا تفاوض مطلقًا على مبدأ
الانسحاب فذلك مبدأ مُقرَّر في القرار رقم مائتين واثنين وأربعين الذي
تنصُّ مقدمته على عدم جواز احتلال أرض الغير بالقوة، وفي القانون الدولي،
وفي تعاملات الدول. وعندما تكون مثل هذه اللّغة واضحة ولا يجد العدوّ من
يتخلّى عنها أو يتساهل بشأنها عندئذٍ يكون لكلِّ شيءٍ حسابه وتقديره،
وتكون المصالحة قد آتت ثمارها ونتائجها الطّيبة، وإذا لم يتمّ الالتزام
بالأمرين المذكورين فالذي أخشاه هو ألا يجني الشعب الفلسطيني من فرحته
بالمصالحة غير الشّوكِ والحنظل .

يسلموو ع الطرح

ويعطيك العافيه

لك الاحترام

» لجنة المصالحة العربية تجتمع لمتابعة تنفيذ المصالحة الفلسطينية
» إسماعيل هنية: لا رجعة عن خيار المصالحة الفلسطينية
» الفايننشيال تايمز : المصالحة الفلسطينية تواجه تهديدا بالفشل
» تقرير دولى ينتقد فرض إسرائيل قيودا على الحركة بالأراضى الفلسطينية
» واشنطن تعارضها .. جهود مصرية عربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية

صفحة 1 من اصل 1