18 مستوطنة تشقُّ صدرها.. القدس..أملاكُ "عدوها" تُسترد..وأرضُ أبنائها تُسرق

تُراها ستنكسر يوماً؟!..حتماً ستنهار، لا بد أن بعض محاولاتنا ستنجح، كيف
لا ونحن لم نترك وسيلة إلا وجرّبناها، لكن هي حتى الآن تعجّ بأهلها، فكيفَ
ستنهار!.. بالطبع ستكون محاولات إضعافها صعبةً جداً، خاصة وأنَّ تلك
المدينة "القدس" مُقدسة ويفيض حُبها في قلوب ساكنيها".

تخيل عزيزي القارئ أن ما سبق ذكره "بين علامات التنصيص" هو لإسرائيلي
في القدس يُحدث نفسه بالمرآة، ويؤنبّها قدرَ استطاعته على تأخر تهويد
المدينة، وصعوبته، وهو حديث نعتقد أنه فعلاً يحدث، خاصةً وأنَّ المحاولات
الإسرائيلية للإطاحة بالمدينة بالكامل تبوء معظمها بالفشل، بدءاً بمصادرة
الأراضي ومروراً بالتضييق على الناس وتهجيرهم، ولا تتوقف عند محاربة دينهم
ومعتقداتهم.

فمنذُ احتلال القدس بالكامل إبّان النكسة العربية عام 1967 عمدت
(إسرائيل) على إفراغ المدينة من أهلها العرب، وتوطين آخرين يهود فيها،
وذلكَ في إطار سعيها المستمر لإيجاد وطنٍ لهم، حتى وإن كان مسروقاً.

وعلى غرارِ كافة الأرض الفلسطينية، سُرقَ الجزء الأكبر من أرض القدس،
وشُقت نصفين كذلك، وأطلق على بعضها المُغتصَب لفظ "اليهودية"، فصارت قدس
عربية شرقية، وأخرى يهودية غربية، وأحيطت بها ثماني عشرة مستوطنة صغيرة
وكبيرة، ولفظَ جدار الفصل العنصري بعض قراها إلى خارجه، فصارت مساحتها
أصغر..

على كل الأحوال "تُصادر"

السابق ذكرهُ هو تلخيصٌ للقاءٍ جمعَ "فلسطين" عبرَ الهاتف بالباحث
الميداني في القدس "أحمد صبّ لبن" الذي يعمل في مؤسسة Ir Amim field
Researcher" فقد أشارَ إلى البعد التاريخي للاستيلاء على أرض القدس،
وقال:"كانت أرض القدس تحت رعاية عثمانية ما قبلَ الحرب العالمية الثانية،
وقُسمت أرضها إلى أرض مَلكية عربية وأخرى مَشاع، وثالثة للدولة، وكانَ لبعض
اليهود منازل وسط الأحياء السكنية هربوا منها في أوقات مختلفة ما بين
الحكم العثماني والحكم المدني ".

واستطرد في حديثه:"بعد النكبة الفلسطينية غادرَ عددٌ من المواطنين
المقدسيين من الجزء الغربي الذي استولت (إسرائيل) عليه بصورةٍ نهائية فيما
بعد، وصارت تتطلّع لباقي القدس، وهو ما يعرف حالياً بالقدس الشرقية".

وتبعاً للباحث صبّ لبن فإنه في القدس الشرقية كانتَ الأرض مُوزّعة بين
أرض فلسطينية وأخرى لا ملكية لها، بينما جزءٌ لا بأس به استولت (إسرائيل)
عليه، وهو وفقَ التخطيط القديم الجزء الذي كانَ تحت الإدارة العثمانية.

ويضيف الباحث الميداني:"القدس لم تكن تلك المدينة الصغيرة التي تحيط
بأقصاها بعض الأحياء السكنية، فهي كانت تضم معظم القرى المحيطة بالمدينة،
إضافةً إلى البلدة القديمة وما يرتبط بها من أحياء سكنية قُسمت تاريخيا
تبعا لساكنيها، ديانتهم وبلدهم الأم، أي أن المساحة الكاملة للجزء الشرقي 7
كيلو متر مربع أضيفت لها الأراضي سابقة الذكر فأصبحت 70 كيلو متر مربع"،
مشيراً إلى أنه صودر 24 ألف دونم لبناء 18 مستوطنة إسرائيلية، وتبقى 64 ألف
دونم".

واللافت أن المساحة المُتبقّية لم تكن من صالح العرب جميعها، فالتخطيط
الذي اطلعنا عليه الباحث أكدَ أن جزءاً منها لم يتبقَ على حاله، حيث
قال:"لم تصادر باقي الأرض وفقَ التخطيط الهندسي، ولكن تركت 21 ألف دونم
منها غير مُخطّطة لا يُبنى فيها، وإن فعلَ المواطن المقدسي يهدم منزله
ويُصادر".

وأردف:" المساحة المخططة هي 25 ألف دونم، تسمح (إسرائيل) بالبناء على
9000 دونم فقط منها، بينما الباقي هي أرض خضراء يُمنع فيها البناء بشكل
كامل".

وتجدر الإشارة إلى أن (إسرائيل) بنت مستوطناتها في الجزء العربي من
القدس، بحيث تلاصق أراضيها الأرض العربية، وتتخللها بؤرها وذلكَ لتفتيت
الوجود العربي، وكانت حلقات الاستيطان ثلاثة وفقَ قوله.

ويفصل الحلقات الثلاث بالشكل التالي:"الحلقة الأولى هي المستوطنات على
تخوم الأحياء الفلسطينية وملاصقة لها بشكل كبير جدا، والثانية هي التي تبعد
عنها ولكن آثارها تكون قريبة جدا، وعادة يخرج منها المستوطنون المتشددون،
أما الثالثة فهي "البؤر الاستيطانية" التي تزرعها (إسرائيل) وسط الأحياء
السكنية كالمنازل التي تصادرها وتشتريها".

وبتفاصيل في منتهى الدقة يستأنف:" 58 بؤرة استيطانية زُرعت في الحي
الإسلامي والمسيحي، وهي بيوت استولت عليها (إسرائيل) بالمصادرة أو الشراء،
أو تصنيفها وفقَ أملاك الغائبين إضافة إلى الأرض التي تستردها باعتبارها
الأرض التي كانت ملكا لليهود قبل 67".

وعن ذلك يقول:"صنّفت الحكومة الأردنية تلكَ الأملاك تحت اسم أملاك
العدو، وعندما سيطرت (إسرائيل) على القدس استعادتها وأسست لها دائرة باسم
الأملاك العامة".

يشترون مستوطنة!!

في مفارقةٍ عجيبة، تُصادر الأرض عربية الجذور لصالح مستوطنات
إسرائيلية موضوعة، ولا تتوقف عمليات المصادرة أبداً، في حين تستعيد
(إسرائيل) بعض منازل اليهود التي تركوها خوفا في مراحل مختلفة من حياتهم في
القدس.

وأشيعَ منذ فترة، أنَّ جماعة عربية تسعى لشراء مستوطنة إسرائيلية صغيرة
أفلست الشركة القائمة عليها، هذا مع الإشارة إلى أنَّ شركات خاصة بالإضافة
إلى الحكومة الإسرائيلية تبني المستوطنات على الأرض العربية بعد "سرقتها".

وفي هذا السياق، يذكر الباحث صب لبن أن إفلاس إحدى شركات المقاولات
الإسرائيلية القائمة على بناء مستوطنة صغيرة دفعها إلى عرضها للبيع، مما
استهوى عدداً من الفلسطينيين من حملة الهوية الإسرائيلية، ولما قاربت
الصفقة على الإتمام اعترض المستوطنون، وضغطوا على البنك لتأجيل ديون شركة
المقاولات.

ويعقّب على النقطة السابقة:"المستوطنون يرفضون مجاورة العرب، لا سيما
حين يكونون من المتشددين الذين يشترون المنازل بين العرب للمضايقة عليهم
فقط، ويرفضون أن يجاورهم عربي في مستوطناتهم لذا خرجوا في مظاهرات إلى أن
أُحبط المشروع".

تخيل عزيزي القارئ لو أنَّ عربياً اشترى أرضه المسروقة!!..وبالمناسبة
فإن (إسرائيل) تسمح بذلك لحملة الهوية "الزرقاء" حسب تأكيد "ضيفنا" الذي
أكدَ أن أهل القدس ممنوعون تماماً من شراء الأرض، ناهيك عن مصادرة أرضهم
بلا حق، وعلى أتفه الأسباب، وذلكَ محمي بقوانين شرطية، باعتبار أنَّ الأرض
تحق لدولة (إسرائيل) دونَ غيرها.

ويقول:"المستوطن الذي يقطن في المستوطنات القريبة من القدس والمتاخمة
لها يحمل عادة أيدلوجية وعقلية وثقافة معادية للعرب، لذلك تحرص إسرائيل على
وجوده في تلك المستوطنات بالذات، لتهديد الوجود العربي"، مضيفاً:"إن
الجماعات المتشددة تحمي بيوتاً فلسطينية وسط الأحياء العربية، وهي تحمي
وجودها بشركات حماية خاصة، وذلك لخلق نوع من النزاع وعدم الاستقرار في
الأحياء العربية والوصول إلى هدفهم الأول، وهو الأرض بلا سكانها".

على حساب الوجود العربي

يدعي الإسرائيليون أنهم يصادرون الأرض العربية لتوفير مساكن لأبنائهم
المضطهدين في العالم أجمع، وهذا ما يخالفه الواقع، فالأرض الفلسطينية وفقَ
"صب لبن" تُصادر لبناء حدائق ومرافق سياحية، كانَ آخرها مشروع إنشاء حديقة
على أنقاض 88 منزلاً في حي البستان في سلوان في القدس العربية، والحجة
كالتالي:" أن داود عليه السلام كان يمشي في تلك المنطقة التي تقاس ب63
دونماً، ومن حقهم أن يعيدوا ذكراه".

ويتساءل باستغرابٍ وحنق."أمن حق الإسرائيلي أن يتذكر تاريخه "المزيف"
على حساب الوجود العربي؟!"، محذراً من تقلص عدد العرب داخل الأحياء العربية
مما يؤثر على مقاومتهم وصمودهم فيما بعد، حيث قال :"عقبَ بناء جدار الفصل
العنصري أخرجت (إسرائيل) خارجه عدد من الأحياء التابعة للقدس، أي أن 35% من
سكان القدس أصبحوا خارجها أي أنَّ 70 ألف مواطن مقدسي أصبحوا خارج حدود
القدس".

وتابع:" في القدس الشرقية، 210 آلاف مستوطن، مقابل 310 آلاف مقدسي،
وبسبب السياسات الإسرائيلية أُخرج 110 آلاف مواطن مقدسي خارج الجدار، وبذلك
تفوق الوجود الإسرائيلي على الفلسطيني، هذا مع العلم عدد المستوطنين ثابت
بعد الحدود الجديدة بينما عدد المقدسيين نقص وصار200 ألف فلسطيني فقط".

وبناء على ما سبق فإن المقدسي في الوقت الراهن يعيش حالةً من عدم
الاستقرار في ظل التهجير المستمر والاستيلاء المتواصل على أرضه، ناهيك عن
المستوطنات التي تُبنى بينَ فترةٍ وأخرى بموافقةٍ "أممية" ودعمٍ كامل من
مجلس الأمن الدولي.

18 مستوطنة تشقُّ صدرها.. القدس..أملاكُ "عدوها" تُسترد..وأرضُ أبنائها تُسرق Picture

18 مستوطنة تشقُّ صدرها.. القدس..أملاكُ "عدوها" تُسترد..وأرضُ أبنائها تُسرق Picture

يسلموو ع الطرح

ويعطيك العافيه

لك الاحترام

» 37 مستوطنة تخنق مدينة القدس وتتهدد الأقصى
» أوغلو يدين اعتداء إسرائيل على قصور الأمويين فى القدس
» إسرائيل تصادر أراضى فلسطينية تمهيدًا لبناء مستوطنة
» صحيفة يديعوت أحرانوت : أوباما يجدد قرار تعليق نقل السفارة الأمريكية إلى القدس
» تهويد القدس وصل إلى مراحله الأخيرة

صفحة 1 من اصل 1